مقدمة
اللغة العربية
هي لغة الإسلام و المسلمين منذ طلوع فجر الإسلام حتى أيامنا اليوم. و بها نزل
القرآن الكريم هدى و رحمة للعالمين. و قد كانت مكانة هذه اللغة بارزة بوصفها لغة
الدين الإسلامي و لغة العلوم و الثقافة فى عصور طويلة ازدهر فيها الإسلام و
المسلمون. و هذه المكانة تبدو من جديد فى الوقت الحاضر حينما أقرّت الأمم المتحدة
فى جلستها الثامنة و العشرين بقرار رقم 28 لجعل العربية إحدى اللغات الرسمية فى
هذه المنظمة الدولية (خطيب الأمم : 1999، 3).
و بالرغم من
عظمة مكانة العربية فى الماضى و الحاضر، إلا أن هناك تحديات تواجه العربية فى
استمرار وظيفتها الدينية و الثقافية. و هذه التحديات تتمثل فى المشكلات التى تعانى
بالعربية و تعليمها.
تعنى هذه
الكتابة بإحدى مشكلات اللغة العربية فى العصر الحديث. و كما يقول كمال بشر إن المشكلات
التى تواجه العربية تنقسم إلى قسمين، أولهما، المشكلات القديمة التى تتمثل فى
تقعيد اللغة و مناهجه و نظام الكتابة العربية و ثانيهما المشكلات الحديثة منها
النظرة الاجتماعية و النزعة إلى التغريب، و سيطرة العاميات، و العربية فى دور
التعليم (المدارس)، و العربية لغير العرب.
و يركز الباحث
على المشكلة الأخيرة الذكر يعنى مشكلة اللغة العربية لغير العرب و تعليمها. و ما
يطرحه الباحث فى هذه الكتابة إنما هو محاولة لتلخيص آراء كمال بشر فى كتابه اللغة
العربية بين الوهم و سوء الفهم و التعليق عليها من خلال عرض آراء الخبراء
الآخَرين التى تتعلق بهذا الموضوع. و يزيد الباحث فى هذه المقالة المنقحة بحثا عن
بعض المحاولات على معالجة هذه المشكلات مع تصحيح بعض المعلومات التى لم تكن دقيقة
فى الكتابة قبل التنقيح.
نبذة سريعة لآراء كمال بشر حول اللغة العربية و مشكلاتها
يرى كمال بشر
أن مكانة اللغة العربية فى وقتنا الحاضر تنمو شيئا فشيئا حتى تقع المكانة المهمة
من بين اللغات العالمية. و هذه المكانة تبرز فى الواقعة التالية:
1-
اتساع دوائر الاهتمام بالعربية فى
جامعات العالم و معاهدها العلمية التى تؤدي بالتالى إلى اتساع البحوث العلمية و
الأكاديمية حول العربية.
2-
كثرة إنشاء المعاهد و المدارس التى تعنى بتعليم اللغة العربية فى أنحاء
الدول العالمية.
3-
ارتفاع اهتمام الدول الأخرى بالعربية و خاصة فى مجالي الاقتصادي و الصناعي
فيما يؤدى إلى تعليم العربية للعاملين فى هذين المجالين.
4-
استقبال البلاد العربية أعدادا كبيرة من غير العرب لتعلم العربية لأغراض
مختلفة عامة أو خاصة
5-
اعتراف الأمم المتحدة بوصفها واحدة من اللغات الرسمية فى هذه المنظمة.
و يضيف كمال بشر إلى هذه المكانة كونها لغة دينية يكتب
بها علماؤنا قديما و حديثا حتى تكون وسيلة لفهم الأمور الدينية. و يعطى مثالا
المسلمين فى قارة آسيا و أفريقيا و نحن الإندونيسيين منهم. فتبدو مكانة العربية
لدى سكان هذه المناطق بارزة على مر العصور حتى أيامنا هذه.
و لا يقل أهمية
وجود المهجريين العرب فى بلدانهم الجديدة غير بلاد عربي. و لكن ينتمون أنفسهم
بالعرق العربي مع أن بعضهم يتحدثون بلغات أجنبية و يحافظ بعضهم على لغة أجدادهم
العرب. فلا بد أن يعطى الاهتمام لهذا الفريق من المجتمع.
و هناك مجموعة
أخرى تعطى عنايتهم بهذه اللغة بوصفها أداة الاتصال لا بد أن يفهمها كل من يريد أن
يتصل بصاحب اللغة أو من يتحدثون بها فى حياتهم اليومية. هذه المجموعة تشكل فئة
جديدة بعد أن تكون دراسة اللغة العربية فى العصور الطويلة تصطبغ بصبغة علمية
أكاديمية تعنى عناية كبيرة بالجوانب النظرية للغة العربية. و تجيئ هذه الفئة
باتجاه جديد تتركز مهمتها الأولى على الجوانب التطبيقية من اللغة. طبعا هذا
الاتجاه امتداد من انتشار المدخل الوظيفي فى دراسة اللغة. فوظيفة اللغة الأولى و
قبل كل شيئ هي الاتصال، يعنى كيف يتصل دارس لغة ما بالناطقين بها.
فدراسة كمال
بشر فى هذه الكتابة تعنى كثيرا بالمباحثات كيف يتم تعليم اللغة العربية لهذه
المجموعات الثلاثة. و هذه الفئات الثلاثة يعبر عنها كمال بشر بوصفها دارسي اللغة
العربية كاللغة الأجنبية. كما تعطي أيضا بما يخصهم من إعداد الخطط و المناهج و
المواد المناسبة التى تفى بحاجات هؤلاء المتعلمين.
المشكلات التى تعانى بالمتعلمين الأجانب
يشير كمال بشر
إلى أربع مشكلات تحول بينها و بين دارسي العربية الأجانب. و هذه المشكلات كما يقول
بشر مترابطة و متداخلة أي من الصعوبة أن نفرقها تمام التفريق. و هي كما تلى :
1- اختلاف المستويات الثقافية للمتعلمين الناطقين بلغات
أخرى
2- اختلاف أغراض المتعلمين
3- نوعية اللغة العربية التى تقدم
4- تقديم المادة اللغوية أو القواعد الأساسية لأصوات هذه
الصيغة المختارة و صرفها و نحوها و مفرداتها و بلاغتها و ما إلى ذلك.
و يقول خطيب
الأمم إن من مشكلات تعليم اللغة للناطقين بغيرها هي مشكلة لغوية و مشكلة غير لغوية
(1999: 5). و يقول محمد ممدوح بدران إن من المشكلات التى تواجه تعليم العربية
للناطقين بغيرها تتمثل فى المستويات الآتية :
1- المستوى الصوتي
2- المستوى الدلالي
3- المستوى التركيبي
4- الازدواجية اللغوية بين الفصحى و العامية
5- الطرائق التربوية لتعليم الكبار تعليما وظيفيا
6- دراسة معمقة لنحو اللغة العربية و صرفها و إملائها و مظانها
الأساسية تؤهل المعلم أن يكون قادرا على تعليمها (محمد ممدوح بدران، 1992: 44-45).
فمن العرض
السريع يستنبط الباحث أن هناك مشكلات عديدة تعانى باللغة العربية و تعليمها. و هذه
المشكلات لا تحول بينها و بين متعلميها من الشعوب الأغيار فحسب بل تعوق أبناء العرب
ذاتهم. فمن الأحسن أن يقدم الباحث تفاصيل هذه المشكلات حسب ما يقدمها كمال بشر.
أولا، اختلاف
المستويات الثقافية للمتعلمين
يقول بشر إن
المتعلمين الأجانب كانوا من البيئات المتعددة و جاءوا بثقافاتهم القديمة. و يوافق
عبد الرحمن مع ما قاله بشر حين يقول إن صعوبة تعلم اللغة الأجنبية ترجع إلى سن
الدارس و البيئة التى يعيش فيها أثناء تعلمه للغة (الفوزان، 2004: 118) فلا بد أن يهتم مصمم البرنامج اللغوية أن
يأخذوها فى الاعتبار. هذا لأن اللغة الأم و الثقافة القديمة لدى الدارسين تؤثر
كثيرا فى استيعاب اللغة المستهدفة.
و إذا قارنا
بين الفئات الثلاثة السابقة الذكر نجد أن هذه المجموعات متفاوتة فى ثقافتهم و
لغاتهم الأم. فالدارسون الذين جاءوا من البلاد الإسلامية لا بد أن تكون لديهم
الثقافات الإسلامية التى تحتوي على – قل أو كثر – المفاهيم الإسلامية. و معظم هذه
المفاهيم كانت تعبّر عنها بالمصطلاحات العربية. فمنذ البداية، كانت لهؤلاء الطلبة
الكفاءة اللغوية التى تخالف نظيرهم الدارسين من البلاد الغربية مثل أوربا و
الولايات المتحدة و غيرهم ممن كان تأثير الإسلام و ثقافته عليهم محدودا.
فلا بد لمصممي
البرامج اللغوية أن يأخذ هذا الاختلاف فى الاعتبار. هذا بالإضافة إلى اختلاف
كفاءتهم اللغوية حسب المراحل التعليمي مبتدئين كانوا أو متوسطين أو متقدمين. لكل
هذه المستويات لا بد أن تفرق كل على حدة.
ثانيا، اختلاف
أغراض المتعلمين الأجانب من تعلم العربية
و يذكر كمال
بشر أن ثمة أغراضا مختلفة من تعلم العربية للأجانب. فهناك أغراض تجارية أو
اقتصادية أو سياسية أو لأهداف علمية ثقافية أو مجرد الاتصال بصاحب اللغة
المستهدفة. لم يشر كمال بشر إلى مصطلحي أغراض عامة و أغراض خاصة. و لكن يعرف
الباحث أن هذه الأغراض فى الحقيقة يتناسب بمصطلحي أغراض عامة و خاصة من تعلم اللغة.
و يشير كمال
بشر إلى صلاحية استخدام اللغة الدارجة فى حالات محدودة و لكن يصر على استخدام
اللغة الفصيحة فى الأولية. و هذه الحالات لا بد أن تكون فى صورة الدورات التدريبية
القصيرة ذات الهدف المعين و لا يجور استخدامها فى تعليم العربية بصورة علمية أي ما
يحدث فى فصول دراسية فى دور التعليم.
و يقول عز
الدين البوشيخي إن هناك أربع غايات تتعلق بتعلم اللغة للناطقين بغيرها
أ- غاية دينية
: و تختص المعنيين بتعلم اللغة العربية بغرض التمكن من قراءة القرآن الكريم و
النصوص الدينية الأخرى
ب- غاية مهنية
: و تختص المعنيين بتعلم اللغة العربية باعتبارها أداة للتواصل الشفوي و الكتابي
فى مجالات محددة كمجال الإدارة أو التجارة
أو الديبلوماسية أو السياحة أو غيرها.
ج- غاية علمية
: و تختص الطلبة المعنيين بتعلم اللغة العربية لدراستها باعتبارها أداة للتواصل
الشفوي و الكتابي أو باعتبارها موضوعا للبحث اللساني أو غيره.
د- غاية ثقافية
: و تختص المعنيين بتعلم اللغة العربية للاطلاع على الحضارة العربية الإسلامية فى مظاهرها الثقافية و
التاريخية و الفنية و غيرها (عز الدين
البوشيخي : 7).
و بالنسبة لهذا
الجانب فلا بد أن يذكر الباحث رأي رشدي أحمد طعيمة و محمود كامل الناقة (2006:
223) حينما يقسم هدف تعلم اللغة العربية إلى قسمين رئيسيين. أولا، تعلم العربية
لأغراض عامة أو تعلم العربية للحياة. و ثانيا، تعلم العربية لأغراض خاصة. فكل هذه
الأغراض لها عواقبها المنهجية فى تعلم و تعليم العربية.
ثالثا، نوعية
اللغة أو الصيغة اللغوية التى تقدم
و كما يذكر
كمال بشر قبل قليل أنه يصر على استخدام اللغة العربية الفصيحة. فلا بد أن تكون
اللغة الفصيحة هي التى تقدم إلى متعلمي العربية الأجانب. و يلقى بشر النقد البناء على تقديم القواعد
التقليدية كما كان تعليم العربية للعرب أنفسهم و لا سيما للأجانب. و هذا النوع من
القواعد تثقل كاحل المتعلمين الأجانب لأن هذه القواعد مملوءة بالجوانب النظرية و
غير مناسبة بالنسبة لهم.
و يصر بشر على
استخدام القواعد الوظيفية بما فيها من السهولة و البساطة و عدم التعقيد حتى تكون
العربية سهلة المنال. و يذكر المبادئ التى لا بد أن تراعى عند اختيار القواعد
الصرفية و النحوية للدارسين. و هذه المبادئ كما يلي :
1- الإدراك لدى المدرسين أن القواعد ليست غاية إنما هي
وسيلة من وسائل لاكتساب المهارات اللغوية
2- تقديم قواعد الصرف بوصفها جزءا لا يتجزأ للقواعد النحوية
و هي ممهدة للنحو
3- الاهتمام بالناحية التركيبية دون الإكثار فى متن
اللغة
فهذه المبادئ الثلاثة لا بد أن يأخذها المدرسون فى
الاعتبار حينما يريدون أن يختاروا القواعد المقدمة فى التدريس.
رابعا، تقديم
المادة اللغوية
يعترف كمال بشر
بدور الخبراء المختلفين فى مرحلة تقرير أية مادة لغوية تقدم للدارسين. هذا لأن
المرحلة تحتاج إلى الجوانب العديدة لغوية و ترتبوية و اجتماعية و نفسية و ما إلى
ذلك.
و يشير كمال
بشر إلى المبادئ العامة لا بد أخذها فى تقديم المادة اللغوية على الجانبين،
المتعلمين و المدرسين. فما يتعلق بالمتعلمين، يرى بشر وجوب تصنيفهم بحسب لغاتهم
الأم و تقليل أعدادهم فى الفصل الواحد و الوقوف على ثقافات اللغة المستهدفة. أما
بالنسبة للمدرسين فيصرّ على كونهم متخصصين فى العربية و الواقفين على المبادئ
التربوية و ملتزمين بالعربية الفصيحة و أن يكون لديهم علم اللغة التطبيقي و علم
اللغة التقابلي، و أخيرا أن يكونوا ملتزمين بتفعيل المهارات اللغوية الأربع.
مشكلات تعليم العربية بإندونيسيا
لا شك أن مشكلات تعلم و تعليم العربية
للناطقين بغيرها تنطبق – عامة – على المتعلمين أينما كانوا. بالرغم من ذلك، أن
هناك فروقا عديدة من بين المتعلمين حسب اتجاهاتهم فى تعلم العربية. فكذلك ما يحدث
بمتعلمي العربية الإندونيسين.
يقول خطيب الأمم (1999: 5-11) إن هناك
مشكلتين رئيسيتين تتعلقان بتعليم العربية لأبناء إندونيسيا. و هاتان المشكلتان
تتمثل فى المشكلة اللغوية و المشكلة غير اللغوية. أما المشكلة اللغوية فتحتوى على
المستوى الصوتي، و المفردات، و المستوى النحوي و الكتابة.
فمن المستوى الصوتى نجد أن تعليم
العربية بإندونيسيا لم يعتن بهذا المجال. و قد جاءت عناية تعليم العربية - منذ
الزمن البعيد ما زال و لم يزل – قائمة على جانب القراءة. فالقراءة كما هو معروف لم
تعتن بالناحية الصوتية بكثرة. أما الجانب الكلام و الاستماع الذى يعتنى بالأصوات
فلم يحظ كثير من عناية التعليم العربي إلا منذ القرن العشرين الماضى حين أنشئت
معاهد عصرية. و معهد غونتور يعد رائدا فى هذا المجال. أما بالنسبة للمعاهد السلفية
فلم تعتن كثيرا بهذا الجانب. و نجد نفس الشيئ عندما ننظر إلى المدارس التابعة
لوزارة الشؤون الدينية.
فمن منظور علم اللغة التقابلي مثلا، نجد
أن هناك مشكلات صوتية تواجه الطلبة الإندونيسين. ففى العربية توجد أصوات لم
يكن هناك مقابل فى الأصوات الإندونيسية مثل أصوات ث، ح، خ، ذ، ص، ط، ظ، ع، غ، ف،
ق. و هذه الصعوبة تزداد شدة حينما كانت لغتهم الأم لم تعرف بهذا الصوت. مثال ذلك
ما يحدث فى الطلبة السنداويين حينما يقولون (ف) فيقولون (P)
: فؤاد à Puad
. فلا بد أن نعرف أوجه التشابه و الاختلاف لهاتين اللغتين لتيسير دراستها.
و من مستوى المفردات فاللغة العربية
حظيت بإقبال كبير من مفردات اللغة الإندونيسية. فهناك مفردات إندونيسية ضخمة أصلها
مفردات عربية حتى يقول أحد الباحثين الهولنديين أن نسبة المفردات الإندونيسية المأخوذة من العربية تزيد على سبعين بالمائة. و
بالرغم من ذلك هناك مشكلات فى تغيير معاني هذه المفردات. فكلمة "مشاركة"
فى العربية تعني /المساهمة/ أما فى الإندونيسية فمعناها /المجتمع/. و هناك مشكلة
فى بناء الصرف تتعلق بوجود 14 صيغ لمضارع "يكتب" مع أن بالإندونيسية توجد صيغة
واحدة "menulis " دون تغيير حروف المضارعة حسب تغير
فاعلها.
و من المستوى النحوي نجد مشكلة
الإعراب و البناء تحول دون المتعلمين الإندونيسيين. هذا لأن ما يستخدم فى المعاهد
و المدارس و حتى الجامعات بإندونيسيا هو النحو التقليدي بما فيه العوامل و الأقيسة
و الآراء المنطقية. و بجانب ذلك هناك نظام المطابقة الذي لم يجده الطلبة
الإندونسيون فى لغتهم الأم.
و هناك مشكلة الكتابة التى لم بد
أن نهتم بها. و قد بحث عن هذا المجال باحث آخر. فلم يعد يذكر الباحث هذا الجانب
للمرة الثانية. و عليكم أن تراجعوا إلى هذه الورقة الجيدة.
و نجد هناك مشكلات أخرى تتعلق بالمهارات
اللغوية. فالإجادة بناحية المهارات اللغوية تعد أصعب شيئ بالنسبة للمدخل
الجديد فى تعلم اللغة العربية. فمهارات الكلام و الاستماع و القراءة و الكتابة
تحتاج إلى تعويد و تدريب الدارسين على تطبيق اللغة العربية في بيئتها الأصلية. و
ربما من الممكن أن تنشأ هناك البيئة اللغوية المصطنعة مع مراعاة المرافق و
المساندات التى يستعين بها الدارسون فى تكيف حالاتهم اليومية.
أما بالنسبة للمشكلة غير اللغوية
للمتعلمين الإندونيسيين فلا بد أن يشير الباحث إلى المشكلة الثقافية و الاجتماعية.
فثقافة العرب تختلف كثيرا بالثقافة الإندونيسية. و هذا الجانب يمكن إدراكه حينما
يتعلم الطلبة العبارات و المثل العربية. فقد كانت وراء هذه العبارة عادات و تقاليد
و ظروفهم الخاصة. فهناك عبارة " قبل الرماء تملأ الكنائن" /Sebelum
memanah
penuhilah dahulu tempat anak panahnya / فهذه العبارة قائمة على بيئة عربية كثرت
فيها الغزوات و الحروب. أما بإندونيسيا فلم تعتد الحروب و تكثر فيها الأمطار،
فالعبارة المناسبة هي /Sedia payung sebelum hujan/
. بالرغم من ذلك – نحن الإندونيسيين – حظينا بمبلغ كثير من الثقافة الدينية
الإسلامية. و هذا الجانب، يظنه الباحث من مواقع قوتنا فى مجال تعليم العربية. إذ
لا بد أن ندرس أبنائنا بالثقافة الدينية التى لها آثار و أعمال متوافرة من الكتب و
المؤلفات الأخرى.
و ينبغى أن لا ننسى المشكلات و العوائق
التى تصدر من أغراض المتعلمين. فبتطور العلوم و التكنولوجيا أصبح تعلم اللغات الأجنبية
- و منها العربية – جزءا لا يتجزأ من حياتنا فى عصر العولمة. فإذا نتبنى فكرة
طعيمة و الناقة فيما يتعلق بأغراض تعلم العربية عامة و خاصة فلا بد أن نفرق هذا
مجال تعليمنا العربية.
بعض المحاولات على معالجة هذه المشكلات
هناك محاولات جدية قام بها اللجان
المتعددة فيما يتعلق بحل هذه المشكلات. ففى البلاد العربية نجد المملكة العربية
السعودية أنشأت معاهد عدة خصصت لتعليم اللغة العربية. و قامت وزارتا الثقافة و
التعليم فى مصر بنشر الشبكة الإذاعية العربية عبر الهواء. و لحق بهما معهد اللغات
بتونس فى نشر و تنمية اللغة العربية للناطقين بغيرها (كمال بشر، 1999: 302-303).
و تتسم هذه المحاولات بتقديم اللغة
العربية الفصيحة بوصفها اللغة العربية المشتركة بين الدول العربية. و هناك محاولات
فى تنمية طرق تعليم اللغة العربية للأغيار منها الندوات الدولية بمادريد اسبانيا
عام 1959، تعليم العربية من خلال الشبكة الإذاعية، البرامج الخاصة التى قامت بها
مدرسة الألسن بالقاهرة، و تعليم العربية فى الجامعات الغربية من أمثال جامعة
مالبورن أستراليا (خطيب الأمم و آخرون، 1975: 144). و يجدر بنا أن نتذكر هنا إنشاء
معهد الخرطوم الدولي لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها بالسودان يعد عملا
جادا على المستوى الدولى فى هذا المجال.
و على المستوى الوطني (الإندونيسي) توجد
هناك محاولات كثيرة تتعلق بتمية طرق تعليم اللغة العربية. فإنشاء المعاهد العصرية
يعد شيئا بدائيا بالنسبة لاهتمام الشعب الإندونيسي بالجانب الاتصالي من العربية. و
لقد قامت وزارة الشؤون الدينية منذ السبعينات بمحاولات متنوعة منها دراسة المسح
لتعليم اللغة العربية عام 1971، ورشة عمل فى تعليم اللغة العربية، و كتابة الدليل
فى تعليم اللغة العربية (1975). و استمرت هذه المحاولات فى أواخر القرن العشرين
بإنشاء اتحاد المدرسين للغة العربية (1999) (أفيندي، 2009: 34). و لا يزال العمل
مستمرا حتى اليوم فى تخطيط و تصميم البرامج الملائمة لتعليم العربية لغير الناطقين
بها و خاصة الإندونيسين.
موقف الطالب الباحث
من هذا الموضوع
بالنسبة لآراء
كمال بشر فيوافق الطالب الباحث معه و لكن يرى الباحث أن هناك تناقض بارز فى رأي
كمال بشر حينما يأتي بخلاصة هذا البحث كما يقتبس فى التالى:
"و خلاصة
هذا كله وجوب الإصرار على تقديم الفصيحة لغير الناطقين بالعربية، و ذلك بقطع النظر
عن تنوع حرفهم و صنائعهم و اختلاف مقاصدهم
التى يقصدون إليها من تعلم العربية (كمال بشر، 1999: ص 308)".
و كأنه فى ذلك لم يفرق بين تعليم العربية لأغراض عامة و
تعليمها لأغراض خاصة. إذ من الممكن أن نستخدم اللغة العربية الدارجة و لو كانت فى
المرحلة المبتدئة مثلا للعمال الذين سيعملون فى البلاد العربية فإنهم لم يحتج بعدُ
إلى تعلم العربية الفصيحة لقصور أوقاتهم فى تعلمها. نعم، من الممكن أن تعلَّم هذه
الفئة بالعربية الفصيحة لكن هذا تعليم مثالي من الصعوبة أن نطبق عليها.
و بالنسبة
لآرائه عامة يظن الباحث أن مثل هذه الآراء لها انطلاق من جهة خبير عربي الذى يصف
الظواهر العامة بوصفه خارجيا. فلم يستطع أن يصور كل صور كاملة. إذ أن هناك مساحة
بين مدرسي العربية من جنسية عربية و مقابليهم – مثلا - الإندونيسيين. فمن يريد أن يعلم لغة أجنبية لا
بد أن يستوعب اللغة المستهدفة و اللغة الأم لدى المتعلمين.
و أخيرا،
هذه المشكلات ما زالت و لم تزل حائلة دون تعليم العربية، فلا بد أن نحلها – نحن
طلبة مرحلة الدكتوراه – بإجراء البحوث العلمية تنخرط المشكلات الواقعية. و بجانب
ذلك لا بد أن نقف على أوجه التشابه و الاختلاف بالنسبة للغتنا الإندونيسية مثل
كثرة المفردات الإندونيسية المأخوذة من
العربية و التعاليم الدينية المتوفرة بالمواد العربية. طبعا أن نزيد بجانبها
المدخل الاتصالي و هو أحدث مناهج تعليم العربية فى أيامنا هذه فلا بد أن نعتنى
بهذا المدخل. و الله أعلم بالصواب.
المراجع
د. كمال بشر، اللغة العربية بين
الفهم و سوء الفهم، القاهرة، دار الغريب، 1999
د. رشدي أحمد طعيمة و د. محمود كامل
الناقة : تعليم اللغة اتصاليا بين المناهج و الاستراتيجيات، المملكة
المغريبية، المنظمة الإسلامية التربية و العلوم و الثقافة – إيسيسكو ، 2006
أ. د. عز الدين البوشيخي، "تعليم
اللغة العربية للناطقين بغيرها من منظور وظيفي"، اللغة العربية إلى أين، إيسيسكو
أ. د. خطيب
الأمم : "مشكلة تعليم اللغة العربية بإندونيسيا (Problematika Pengajaran Bahasa Arab di Indonesia)" دورية : التراث، العدد 8، (1999)، كلية الآداب –
جامعة شريف هداية الله الحكومية الإسلامية، جاكرتا
أحمد فؤاد
أفيندي، طريقة تعليم اللغة العربية، مالانج، مشكاة، 2009
محمد ممدوح
بدران: "اللغة العربية و تدريسها لغير الناطقين بها، نحو منهج لإعداد مدرس
اللغة العربية لغير الناطقين بها"، المنظمة العربية للتربية و الثقافة و
العلوم، جهاز تنمية الثقافة العربية فى الخارج : تعليم اللغة العربية لغير
الناطقين بها : قضايا و تجارب، تونس، 1992
د. عبد الرحمن
بن إبراهيم الفوزان و آخرون، مذكرة الدورة التدريبية لمعلمي اللغة العربية فى
الجامعات الإسلامية الحكومية بإندونيسيا، مالانج، إندونيسيا، مؤسسة الوقف
الإسلامي مشروع العربية للجميع 2004
Tidak ada komentar:
Posting Komentar